السبت، 4 فبراير 2012

المستعمرات الخليجية VS صخرة الديبلوماسية السورية

بعد ايام من المداولات و محاولة اقناع روسيا , فشل مجلس الامن في تمرير مشروع القرار العربي الغربي الذي يهدف لدعم المبادرة العربية و لادانة سوريا و حثها على و قف العنف بعد ان استخدمت كل من روسيا و الصين حق النقض الفيتو .
بعد قرون من اليأس الذي اصابنا من مجلس الامن و لاول مرة في ظرف اقل من اربعة اشهر 2 فيتو مزدوج لصالح دولة عربية , بعد ان احتكرت الولايات المتحدة هذا الحق لاجهاض المشاريع العربية و اعاقة تسوية الصراع العربي الاسرائيلي و دعما لمصالحها
نجد لاول مرة تكتوي الولايات المتحدة بالسلاح الذي طالما اشهرته في وجه خصومها , محطمة جميع القرارات التي لا تلبي مصالحها و مصالح حلفائها و لو كانت تلك القرارات مدعومة باغلبية العضاء
الفيتو المزدوج الروسي و الصيني اليوم (افرحني) كثيرا , و بغض النظر عن كون الاسد دكتاتورا و سفاحا فالسؤال الذي يطرح نفسه هل صحيح ان الدول الغربية و العربية الخليجية و التي لا تمتلك معظمها دستورا او برلمانا منتخبا او نظاما اساسيا بل لا تمتلك حتي نقابات مهنية و منظمات مجتمع مدني , هل من المنطقي ان دول كهذه هي التي تسعي لنشر الاصلاح و الديمقراطية و قيم الانسانية في بلد كسوريا !!!
ان مثل تلك الدول التي تطالب نظاما هو افضل منها في كل المؤشرات  كمثل العاهرة التي تطالب الاخرين بالعفة , و انا هنا لا ادافع عن النظام السوري الذي هو كغيره من الانظمة في المنطقة نهجا و سلوكا بما فيها دول الخليج التي لن تكون اقل دموية و وحشية لو مرت بنفس الظروف و وضعت في نفس الاختبار , و لكن انا هنا استغرب تلك الهجمة التي تطال سوريا و التي هي بعيدة كل البعد عما يحاول البعض اقناعنا به من ان الهدف هو مصلحة سوريا و الحفاظ على امنها و استقرارها , بل اشعر ان هنالك شئ ما يحضر له و يطبخ تحت الطاولة , و لا يخفا علينا تلك السموم التي تبثها يوميا قنوات مملوكة لدول خليجية في حكم المحتلة لا تملك قرارها السياسي
فقناة كالجزيرة التي ابتعدت كثيرا عن المهنية الصحفية و عن شعارها ( الرأي و الرأي الاخر )  تساهم يوما في بث الحقد و التحريض متغلفة بغطاء المهنية و مساندة الشعوب التواقة للتحرر و نتذكر انها نفسها  التي غضت النظر عن احتجاجات البحرين  و ما جري فيها من هدم للمساجد وقتل للمتظاهرين السلميين و الفصل التعسفي من العمل التي طال مواطنيها  فقط لانتماءات طائفية او عرقية , و اكاد اجزم ان هناك تنازلات سورية لو قدمها الاسد للغرب لكان ( الجزيرة هذا الصباح ) ان الاسد هو البطل العربي الاوحد و الرجل الشجاع و هو متعهد بالاصلاح و يجب دعمه , فالهم الاكبر لدول الخليج و اسيادها ان يروا سوريا تماما مثلهم  منبطة و منزوعة السيادة تأتمر بأمر اسيادهم ولا تعصي لهم امرا و تغض الطرف عن اي سياسات تنفز في المنطقة
اما الشعب السوري فهو قادر على انهاء ثورته بنفسه , لو كانت هنالك ثورة حقيقية ( فالتحريض الاعلامي المتواصل و عدم انضمام مدن و قطاعات واسعة من الشعب السوري و خاصة الطبقة الوسطي جعلني اشكك بها ) , اما ثورة على غرار ما حصل في ليبيا تأتي على ظهور الدبابات و اجنحة الطائرات فهو عار سيلحق بالشعب السوري و لن تكون ثورة بل احتلال و تاريخ سوريا و موقعها الجيوستراتيجي المقاوم  في العالم العربي لا يشرف ان يكون مصيرها كذلك و لو فعل ذلك الشعب السوري ذلك فبئس الشعب هو
ولو نظرنا ببراغماتية بعيدة عن العاطفية , فالفيتو المزدوج الروسي الصيني المكرر يؤشر على شيئين هامين :-
اولا : بدء تشكل نظام عالمي جديد متعدد الاقطاب لتنهي مسلسل تفرد القطب الواحد ذو المشاريع الامبريالية الذي كان يديرنا و كل العالم من كرسي يقع علي شرفة في مبني ابيض مطل على شارع بنسلفانيا
ثانيا : النجاح الباهر الذي ما تزال تحققه الدبلوماسية السورية لتضرب مثالا للعالم اجمع و العالم العربي خاصة في كيفية بناء العلاقات الاستراتيجة بالرغم من ضعف الموارد السورية و بالتالي الثمن المفترض ان تدفعة سوريا مقابل بناء هذه العلاقات الديبلوماسية في وقت لا تتعامل الدول الا بسياسة المصالح لتثبت سوريا ان لها سياسة خارجية يجب ان تدرس ( خاصة لدول العالم الثالث الفقير ) و ايضا ليصدق الراحل حافظ الاسد حين قال (ان سوريا تجيد دائما القتال على الحافة و لكنها لا تسقط الا على جثث اعدائها )
و اخيرا : لدي قناعة راسخة ان سوريا ( حصن العروبة المتين و اخر قلاعها ) قادرة على تجاوز هذه الازمة بل ستخرج منها اكثر قوة و منعة , و كلنا نتزكر خروج سوريا من محنة غزو العراق اذ كان مقرار ان تكون الثانية , و ايضا خروجها بكل قوي من قضية اغتيال الحريري و المحكمة الخاصة بلبنان .
                                                                            اولا هنيئا لنا معالم تشكل النظام العالمي الجديد
                                                                                     ثانيا هنيئا لسوريا و دبلوماسيتها
                                                                               و لقطر و بقية دول الخليج ( لا عزاء للعبيد)

هناك تعليقان (2):

  1. عذرا خي محمد انا لا اتفق معك لعدة اسباب اهمها : النظام السوري ادعي انه بلد المقاومة ولم يستخدم سلاحه الا لقتل المعارضين المسالمين،ولم تنجح دبلوماسية النظام السوري ،وانما هو نظام الفيتو وتستخدمه الدول الكبرى لمصالحها وهو نظام غير عادل،وسيذهب بشار لانه ديكتاتور رفضه شعبه وستكون نهايته كنهاية مبارك وبن علي والقذافي

    ردحذف
    الردود
    1. تحياتي اخ صلاح
      انا لا ادافع عن النظام السوري و لكن احلل الواقع فقط , بخصوص ان النظام السوري لم يستخدم سلاحه , فالمقاومة ليست فقط الدخول في حروب انتحارية مع اسرائيل و كلنا يعلم انك لو قاتلت اسرائيل فأنت تقاتل العالم , بل حتي الحروب التي قادتها سوريا قادتها لوحدها بل و طعنت في الظهر احيانا , اخي احيانا تكون المقاومة فقط موقف مبدئي استراتيجي بسيط يكثر جميع مشاريع الامبريالية في المنطقة
      اما بخصوص نجاح الديبلوماسية السورية فهو امر لا غبار عليه و الديبلوماسية السورية اشاد بها العدو قبل الصديق ليس الان فقط بل ايضا في الماضي , فان تنجح باقناع دولتين باستخدام حق الفيتو لمصلحتك برغم امكاناتك البسيطة فهو نجاح كبير , و كلنا نعلم ان الدول الكبري لا تتعامل بالعواطف بل بحسابات المصالح و المصالح فقط
      تحياتي مرة اخري و شكرا ع المرور

      حذف