بعد ايام من المداولات و محاولة اقناع روسيا ,
فشل مجلس الامن في تمرير مشروع القرار العربي الغربي الذي يهدف لدعم
المبادرة العربية و لادانة سوريا و حثها على و قف العنف بعد ان استخدمت كل
من روسيا و الصين حق النقض الفيتو .
بعد قرون من اليأس الذي اصابنا من مجلس الامن و لاول مرة في ظرف اقل من
اربعة اشهر 2 فيتو مزدوج لصالح دولة عربية , بعد ان احتكرت الولايات
المتحدة هذا الحق لاجهاض المشاريع العربية و اعاقة تسوية الصراع العربي
الاسرائيلي و دعما لمصالحها
نجد لاول مرة تكتوي الولايات المتحدة بالسلاح الذي طالما اشهرته في وجه
خصومها , محطمة جميع القرارات التي لا تلبي مصالحها و مصالح حلفائها و لو
كانت تلك القرارات مدعومة باغلبية العضاء
الفيتو المزدوج الروسي و الصيني اليوم (افرحني) كثيرا , و بغض النظر عن
كون الاسد دكتاتورا و سفاحا فالسؤال الذي يطرح نفسه هل صحيح ان الدول
الغربية و العربية الخليجية و التي لا تمتلك معظمها دستورا او برلمانا
منتخبا او نظاما اساسيا بل لا تمتلك حتي نقابات مهنية و منظمات مجتمع مدني ,
هل من المنطقي ان دول كهذه هي التي تسعي لنشر الاصلاح و الديمقراطية و قيم
الانسانية في بلد كسوريا !!!
ان مثل تلك الدول التي تطالب نظاما هو افضل منها في كل المؤشرات كمثل
العاهرة التي تطالب الاخرين بالعفة , و انا هنا لا ادافع عن النظام السوري
الذي هو كغيره من الانظمة في المنطقة نهجا و سلوكا بما فيها دول الخليج
التي لن تكون اقل دموية و وحشية لو مرت بنفس الظروف و وضعت في نفس الاختبار
, و لكن انا هنا استغرب تلك الهجمة التي تطال سوريا و التي هي بعيدة كل
البعد عما يحاول البعض اقناعنا به من ان الهدف هو مصلحة سوريا و الحفاظ على
امنها و استقرارها , بل اشعر ان هنالك شئ ما يحضر له و يطبخ تحت الطاولة ,
و لا يخفا علينا تلك السموم التي تبثها يوميا قنوات مملوكة لدول خليجية في
حكم المحتلة لا تملك قرارها السياسي
فقناة كالجزيرة التي ابتعدت كثيرا عن المهنية الصحفية و عن شعارها ( الرأي و
الرأي الاخر ) تساهم يوما في بث الحقد و التحريض متغلفة بغطاء المهنية و
مساندة الشعوب التواقة للتحرر و نتذكر انها نفسها التي غضت النظر عن
احتجاجات البحرين و ما جري فيها من هدم للمساجد وقتل للمتظاهرين السلميين و
الفصل التعسفي من العمل التي طال مواطنيها فقط لانتماءات طائفية او عرقية
, و اكاد اجزم ان هناك تنازلات سورية لو قدمها الاسد للغرب لكان ( الجزيرة
هذا الصباح ) ان الاسد هو البطل العربي الاوحد و الرجل الشجاع و هو متعهد
بالاصلاح و يجب دعمه , فالهم الاكبر لدول الخليج و اسيادها ان يروا سوريا
تماما مثلهم منبطة و منزوعة السيادة تأتمر بأمر اسيادهم ولا تعصي لهم امرا
و تغض الطرف عن اي سياسات تنفز في المنطقة
اما الشعب السوري فهو قادر على انهاء ثورته بنفسه , لو كانت هنالك ثورة
حقيقية ( فالتحريض الاعلامي المتواصل و عدم انضمام مدن و قطاعات واسعة من
الشعب السوري و خاصة الطبقة الوسطي جعلني اشكك بها ) , اما ثورة على غرار
ما حصل في ليبيا تأتي على ظهور الدبابات و اجنحة الطائرات فهو عار سيلحق
بالشعب السوري و لن تكون ثورة بل احتلال و تاريخ سوريا و موقعها
الجيوستراتيجي المقاوم في العالم العربي لا يشرف ان يكون مصيرها كذلك و لو
فعل ذلك الشعب السوري ذلك فبئس الشعب هو
ولو نظرنا ببراغماتية بعيدة عن العاطفية , فالفيتو المزدوج الروسي الصيني المكرر يؤشر على شيئين هامين :-
اولا : بدء تشكل نظام عالمي جديد متعدد الاقطاب لتنهي مسلسل تفرد القطب
الواحد ذو المشاريع الامبريالية الذي كان يديرنا و كل العالم من كرسي يقع
علي شرفة في مبني ابيض مطل على شارع بنسلفانيا
ثانيا : النجاح الباهر الذي ما تزال تحققه الدبلوماسية السورية لتضرب مثالا
للعالم اجمع و العالم العربي خاصة في كيفية بناء العلاقات الاستراتيجة
بالرغم من ضعف الموارد السورية و بالتالي الثمن المفترض ان تدفعة سوريا
مقابل بناء هذه العلاقات الديبلوماسية في وقت لا تتعامل الدول الا بسياسة
المصالح لتثبت سوريا ان لها سياسة خارجية يجب ان تدرس ( خاصة لدول العالم
الثالث الفقير ) و ايضا ليصدق الراحل حافظ الاسد حين قال (ان سوريا تجيد
دائما القتال على الحافة و لكنها لا تسقط الا على جثث اعدائها )
و اخيرا : لدي قناعة راسخة ان سوريا ( حصن العروبة المتين و اخر قلاعها )
قادرة على تجاوز هذه الازمة بل ستخرج منها اكثر قوة و منعة , و كلنا نتزكر
خروج سوريا من محنة غزو العراق اذ كان مقرار ان تكون الثانية , و ايضا
خروجها بكل قوي من قضية اغتيال الحريري و المحكمة الخاصة بلبنان .
اولا هنيئا لنا معالم تشكل النظام العالمي الجديد
ثانيا هنيئا لسوريا و دبلوماسيتها
و لقطر و بقية دول الخليج ( لا عزاء للعبيد)